• ×
الخميس 25 أبريل 2024 | 04-24-2024

الإبحار في سديم العشق ... في صالون ولادة

الإبحار في سديم العشق ... في صالون ولادة
 كتب / ابوبكر يوسف إبراهيم /



الإصحاح الثاني
سفر الإفصاح : في صالون ولادة



سيدتي... ومولاتي

سلامٌ على روحك الطيبة..
..

تسألينني عن التضمين والريبة في الحب وكتمان المشاعر ، أقول لك لا يكون التضـمين إلا حـين تكون العوائق حجر العثرة ... التكافؤ أحد العناصر فهل يمكن أن يصرح كهل مثلي بحبه لمن تصـغره بأجيال؟! برأيي هذه إستحالة فهنا يصبح الصمت فضيلة... والتضـمين يصبح هو الإعراب عما بالقلــب وبمالا يستطيع اللــسان الإفصـاح عنه وتلك قمة القناعة، أتذكـرين حينما قلت لـك: أنه حينما حاول(إبن عدوس) منافسة (إبن خلدون) في كسب ود (ولاّدة بنت المستكفي) زادها ذلك غروراً بجــمالها وجاهــها وأدبها، فبرغم صدق مشاعر(إبن عدوس)وجاهه وشعره إلا أن (ابن زيدون) قد رجحت كفــته بفعل عنفـوان شبـابه وكذا طلاقة لسانه مما أهله أن يبالغ في التصريح بما يكـنه( لولادة )وإكتــــفى (ابن عدوس) بالتضمين!! ...وكان (ابن عدوس) يستطيع زيارة (ولادة) متى شاء دون أن يثير الريـب... بينـــما(ابن زيـدون) يتحين الفرص والمناسبات أو يتخفى ليلاً ليلتقيها...!! فالريبة ترتبط بالمحب الـذي هـو فـي شرخ الشـباب عنه على الكهل،فلا يظن المظنون ولا يرتاب العذال في (ابن عدوس) إلا أهل الحظوة من سماره الذين لا يجزمون ولكنهم يُغلبون الظن في أنه وقع لا محالة في حب (ولادة)!!



سيدتي.. مولاتي ؛

أتذكرين سيدتي ، يوم قلت لك أن أجمل ما في العشق هو معاناة إمريء كتوم فقد الشباب فأحب!!.. فتعمل الكهولة على لجمه فيصاب بالخرس الوجداني!!... هنا يكون التعبير منه فقط عبر لغةِ العيون، والأنــثي هي الأذكى في فك شفرة لغة العيون ؛ فقد يخرسها ا الحياء على أن تعبر بكشف المستور من لغة العيون؛ اماإن كانت فعلاً قد أحبت ذاك الكهل فلربما تشجعه على التصـريح وتحلل عقدة من لسانه؛ إلا إن أبى هـو عـن قناعة يرجــعها لعوامل الســن والتكافؤ!!...ربما يكون لها في تفسيرها بأن ربما يكون تكافؤ وعمق المشاعر هما مزيلا حاجز العمر!!... ولكني أرى أن مثل هذا العشق ربما يخبو مـع تقدم العمر وبروز فوارق جوهرية وبعد سنوات قد يحدث شرخاً في جدار ذاك العشق!!



سيدتي...مولاتي ؛
إن هناك رباطُ وجداني يربط أهل الفكر والشعر والأدب... يربط الشاعرة والشاعر... الأديبة والأديــب إنه أقوى مما لو كانا متزوجين، فالزواج له محددات تختلف عن معطيات الإلتقاء الفكري والروحي ... هذا إلتقاء أحاسيس وجدانية مشتركة... وذاك يفترض أن تتوفر فيه محددات عاطفية... الإلتـقاء العاطـفي بالضرورة يؤدي إلى الزواج وهنا قد يؤدي عامل التعود إلى إفتـقاد الأشـواق والتلهف واللهفة والوله؛ أمـا الإلتـقاء الفكري يحكمه زمان ومكان ؛ مثل صـالونك هـذا الذي جمع الشـعراء وأنت (ولادتـه) والجـميع يتبارى في عرض مليح قريضه ومعك من الأنثيات الشاعرات أيضـاً ممن تهـفو لهـن القلوب وتتمايل لهـن الأعناق وتطربلعذب حديثهن ولغاهن المشاعر للمقفى من القصيد والنميق مما جادت به قرائحهن بعد ترحالهن في عـبقر وسماعهنل مزمار داؤد.. وهناك يبرز السؤال الذي يدور في روؤس الحضور: لمن تهفو مشاعر ويميل شغاف قلب( ولاّدة)؟!!



سيدتي...مولاتي ؛
أخافك حين تسألين توريةً بما يمكن تأويله في غير محمله ؛ ممن لا يعرفون عمق تفكيرك ، وسعة أفقك .. ورهافة حسك... وجزالة إلقائك.. وسحر بيانك في جاذب وأسر ألباب مستمعيك امن الحضور؛ وقد شددتهم فصار إنتباههم هائماً عند شواطيء مقلتيك ،مشكلتنا يا سيدتي أننا كشرقيـين لا نستطيع التفرقة بين حق وحــرية الأنثيات في البوح وبين الإبتذال .. لأن ما يعتبره الشرقي إبتذال أنثوي ما هو إلا في حقيقته بوح بمشــاعر وجدانية حقيقية تمت مصادرتها ذكورياً ؛فتُحرم الأنثى من الإقتــراب منه فتغترب مشاعرها في عوالم خاصة بها قد تجدها وقد لا تجدها في انسان قد تلتقيه أو لا تلتقيه بالمطلق؛ .. إنه ( تابو!!) الرجل الذي أقام نفسه وصياً على عرش مشاعر وأحاسيس الأنثى دونما وجاهة أو حق، وفــي ذات الوقت يمارس بعـض الذكور قمـــة الإبتـذال حينما يتحـدث عن مغامراته العاطـفية مع أنثى وكأنما يريد إثبات فحولة تفتقر إلى معاني الرجولة النبيلة!!... هـل مــن الإنصاف أن نصادر البوح بالمشاعر الإنسانية وفي ذات الوقت نستمع وبلهفة إلى الإبتذال العاطفي مـن الرجل؟!...

هوّن عليك سيدتي؛ فبوحي كيفما شئت ولا تلتفتي لأصحاب العقول المتكلسة ... إفصــحي عــما يعتمل في دواخلك فليس هناك حقٌ لأحدٍ فرض وصايةعلى مشاعرك وعواطفك الإنسانية ، فليس هناك من سجانٍ ولا أسوار!!... العقول الذكورية الراشــدة عليها أن تعينك في التعبير بحرية، أما قولك والخوف من أن يدمغونك أو قد سيصفونك بالتحـرر أوالسـفور أو عـدم الحـياء فهذه كلمة حقٍ يراد بها باطل!!



سيدتي... مولاتي؛

لولاك ما كنت أنا وما كانوا هم نمشي على أقدامنا في هذه الدنيا؛ فتلك الأزمنة التي أقـام الذكـور فيها(باستيل) من التقـاليد التي تضمن لهم التفوق النوعي قد إنتهت ؛ أم يسجل التاريخ أن (الباستيل) أصبح رمزٌ للثورة.؟! .. عيشي حياتك الآدمية لا حكر ولا قيود لأحدٍ عليك... أذكرك ببوح تلك الصـحابية التي أتـت للنبي عليه الصـلاة والسـلام قائلة أنها لا تعتب على زوجها في شيْ ؛ولكنها تكره العيش معه... فما كان من الرسول الكريم إلا أن خيرها : أتردي عليه مهره وصداقه؟! ؛ فأجابت : بنعم ؛ فخلعها الرسول الكريم ...إن كـان لا إكـراه فـي الدين وهـو إعـلان الإسـلام عـن حـرية العبادة فما بالك بحق وحرية البوح عن مشاعرك الانسانية؟! خلقنا لنعبد الله والعبادة محبة وفي المحبة إفصاح وجهر بالقول ونحن نتقرب زلفى إلى الله في عبادتنا!! ... عجبي لمن يطوعون الدين والدنيا من أجل أن يستحلوا مشاعرك الإنسانية!!

سيدتي...مولاتي؛
صالونك الزاخر بأهل الفكر فيهم من أمثال ابن زيدون وإبن عـدوس وولادة والخنيصرة وإبن حـزم هو إثراء للعقول التي ما زالت تتقد وتعطي وإن إختلفت المشارب ولا ضـير فـفي التنوع الفكري إثـراء لهذا الصالون فأنا في حضرتك أنتهل من علم الآخرين ولولاك لما إجتمعت هذه الثلة من المبدعين على إختلاف ألوان طيفهم ومشاربهم ولكنهم جميعاً إلتقوا عندك ومن صالونك ولدت إبداعات ما كان لها أن تكون... لا أقبل قولك أن حديثي هذا كله كان هروباً من الإفصاح وهو في مجمله تضمينٌ لا تصـــريح .. ويكفيني قولك في المنتهي بأن قلبي ومشاعري وأحاسيسي هي في أوج ريعانها ولكني أقــول لـك لقــد هزمني الشيب وعلا مفرقي ... وإلى الغد ألتقيك أيتها الأنثى التي أعشق !!
امسح للحصول على الرابط
 0  1  2045

تصميم وتطوير  : قنا لخدمات الويب

Powered by Dimofinf CMS v5.0.0
Copyright© Dimensions Of Information.

جميع الحقوق محفوظة لـ "كفر و وتر" 2019